الموت ( 2 من 4 )

فالإحياء ” بنفخ الروح ” في الجسد ، والموت ” بخروج الروح ” منه ، ولكن ليس المقصود منه نفخا ً كنفخنا نحن ، ولا خروجا ودخولا كخروجنا ودخولنا في عالم الملك … ( سبق توضيح المعنى بموضوع “” المعاني والألفاظ بين عالمي الملك والملكوت “” ) ..

 

فالروح أصلا لا يحدُّها مكان ، ولا يمكن أن تُحبس في الجسد ، والأرواح كلها مؤمنة بالله تعالى ، وقد خاطبها الله تعالى يوم ” ألست بربكم ” وسمعت الخطاب ..، وأجابت .. وأخذ الله عليها العهد والميثاق … ، ثم جعل لها مكانا في ” البرزخ ” تنظر منه إلى الدنيا والآخرة معا …، فجميع الأرواح في البرزخ .. وهو من عوالم الملكوت …

 

وقوة الأرواح في التفاتها إلى الأشياء ، حيث في نظرها إلى الشئ إحياؤه ، والإمداد بين الأرواح بنظر بعضها إلى بعض ، وليس النظر من الروح كنظرنا نحن بالعين …

 

ولذلك يُمتِّع الله تعالى عباده المؤمنين في أعلى درجات الجنة بالنظر إليهم …

 

ومن هذا المعنى نسمع بعض العارفين يقول ” نحن نربِّي أولادنا بالنَّظَرْ ” .. والمقصود به نظر الروح إلى الروح .. وليس نظر العين .. لأن نظر الروح فيه الإحياء والإمداد ….

 

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 67
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

 

الموت ( 1 / 4 )

” النفس ” هي حاملة الحياة في الجسد من إحساس وإدراك وحركة ..

والموت هو خروج النفس من الجسد ، وتركها تدبير شئونه … ، وقوة الحياة والإحياء هي في الروح ..

والروح من الملأ الأعلى …. ، والجسد من عالم الملك طين في طين … ، والنفس وسيط بينهما … ، لها شق إلى الروح ولها شق إلى الجسد …

فإذا التفتت الروح إلى الجسد بعثت فيه الحياه من خلال النفس …. ، وإذا انشغلت عنه بالكلية … خرجت النفس منه ومات البدن … ، وإذا تشاغلت عنه فقط – ولكنها مازالت تمده بالنظر إليه حين بعد حين – نام الجسد وحبست النفس لحسابه …

” الله يتوفى الأنفس حين موتها ، والتي لم تمت في منامها ، فيمسك التى قضى عليها الموت ، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ” سورة الزمر آيه 42

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 66
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

” المعاني والألفاظ بين عالمي الملك والملكوت ” ( 2 / 2 )

يضرب الله الأمثال للناس ..  ويقرب إليهم المعاني .. ويرمز إلى ما لا يعلمون بأسماء ما يعلمون … ، فإنما جاءت هذه الألفاظ لتقريب المعنى إلى عقلك وخيالك لا غير …

فالذين وقفوا علي صفات الله تعالى بعقولهم وقالوا نحن ندرك الله تعالى بعقولنا ، فإنهم وقفوا في هذه المعاني على قدر عقولهم من سمع ، وبصر ، وقدرة ، وهيمنة من الله علي الخلق ، لأن منتهى علم عقولهم هو منتهى القوانين البشرية ، ففي الحقيقة ما عرفوا عن الله وصفاته شيئا ، وما عرفوا إلا نفوسهم وعقولهم …

أما الذين انطلقوا إلى عوالم الملكوت ودخلوا في جماعة ” ما كذب الفؤاد ما رأى ” …. فأولئك قوم دخلوا في الشهود بأرواحهم وقلوبهم … ، فذاقوا بعض معاني هذه الصفات الإلاهية على إطلاقها ، لا بقوانين الكون المادية ولا بعقولهم البشرية ، إنما آمنوا بالغيب … ، وخشوا الرحمن بالغيب ، لا على قدر عقولهم … ، ولكن على قدر مذاقهم وشهودهم في عوالم الغيب والملكوت …

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 65
لعبد الله \ صلاح الدين القوصي
#أحب_محمدا

” المعاني والألفاظ بين عالمي الملك والملكوت ” ( 1 / 2 )

انظر كيف يصف الله تعالى الجنة مثلا وما فيها من أنهار من لبن ، وعسل ، وخمر ، وفاكهة ، ورمان ، ولحم طير ، وغيره …. ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة ” فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ..، ولا خطر على قلب بشر ” وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم …

إذا فليس في الجنة إلا هذه المسميات .. أما معانيها وحقائقها فإنها لم تخطر على قلب بشر في هذه الدنيا ..، فلا الأنهار كالأنهار ..، ولا الخمر كالخمر ..، ولا الرمان كالرمان … ولكن يضرب الله الأمثال للناس .. ويقرب إليهم المعاني .. ويرمز إلى ما لا يعلمون بأسماء ما يعلمون ….

فعندما يقول سبحانه وتعالى ” نفخت فيه من روحي ” .. و ” كل يوم هو في شأن ” .. وكذلك عندما يقول صلى الله عليه وسلم أن الملك ينفخ الروح في الجنين بعد تمام أربعة أشهر من بداية الحمل كما في الحديث المعروف ، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام أن الميت إذا مات خرجت روحه .. أو صعدت روحه …

أقول عندما تسمع هذه الألفاظ والتعبيرات فإنه لابد لعقلك أن يتوقف عن المفاهيم المعتادة في عالم الملك عن النفخ ، واليوم ، والنزول ، والصعود ،، وإنما جاءت هذه الألفاظ لتقريب المعنى إلى عقلك وخيالك لا غير .

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 64
لعبد الله \ صلاح الدين القوصي
#أحب_محمدا

” عالم الملكوت ” 

هو الجزء الأعلى من عالم الجبروت .

 

وهو حضرات كثيرة ، لا مجال للنفس ولا للقلب فيها .. ولكنها روحية محضة … وفيها التجليات العظمى التي لا تشرح ببيان ..

 

والمشاهد لهذه العوالم والمتذوق لها هي الروح لا غير ، ويمكن أن نقول وبمنتهى الحذر أن هذه العوالم في الملكوت الأعلى تكون بعيدة كل البعد عن الأكوان المخلوقة ..

 

” الموت والبرزخ والروح ”  هذه الحقائق الثلاث هي بوابات ومفاتيح لعوالم الملكوت ، لذلك فإن النفس البشرية إذا انتقلت إلى هذه العوالم ، فلابد أن تنسى تماما قوانين عالم الشهادة بالكلية .

 

فإذا انتقلنا إلى عالم الملكوت اختلفت هذه القوانين بالكلية .. فلا شمس ، ولا قمر .. ولا ليل ، ولا نهار ، ولا ماض ، ولا مستقبل … ولكن تبقى من هذه القوانين مسمياتها وألفاظها فقط .. ولكنها لا تدل على نفس المعانى التي عرفناها في عالم الشهادة ..

 

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 59

لعبد الله \ صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

عالم الجبروت

هو عالم تجليات صفات الله تعالى والتي تظهر آثارها ونتائجها في عوالم الملك والشهادة .

وكل صفة من صفاته تعالى لها حضرتها .. وجنودها .. وتجلياتها .. ونورها … وحضارها …

فيها ينعدم الزمان والمكان المعروفان لدينا ، وفيها تعرف أسرار سريان القدرة الإلاهية ومجرى الأقدار ، وفيها يمحو الله ما يشاء ويثبت جل شأنه …

وهذه العوالم .. وهذه الحضرات ، لا تدرك بالعقل ولا بالعلم المنقول ، وإنما تدرك بالقلب وتشاهد بالفؤاد ، ” فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ” ، ويقول جل شأنه ” ما كذب الفؤاد ما رأى ” .

فالقلب يرى ، والفؤاد يرى ، وهما لا يريان ما ترى العين ، بل أشياء أخرى ، وبكيفية مختلفة عن العين .

في هذه الحضرات ومن أنوارها يربي الله تعالى القلوب ، فينيرها لأهل السعادة ، ويطمس عليها والعياذ بالله لأهل الشقاء ، ويقلبها كيف يشاء ، فيزيد الإيمان وينقص ، ويقع اليقين ويرفع ، وتنزل السكينة وتسلب ، وتمنح المحبة وتؤخذ ، .. وينادى المنادى ” لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار ” . فالملك علي القلوب لله تعالى لا شريك له .

فهذه العوالم هي حضرات الصفات وتجلياتها ، وهي حضرات القلوب وتلقيها ، وهي وسطية بين عوالم النفس وعوالم الروح .

وبعض الأنفس البشرية إذا استنارت بنور الله تعالى يحدث لبعض قواها اتصال ببعض هذه العوالم ، وذلك لسطوع نور الروح على القلب ثم على النفس ، فيرى المؤمن بنور الله ، ويلهم الصواب ويدرك بعض من حكمة الله في أقداره ، وقد يتعامل مع أرواح الأموات فيأخذ منهم ويعطيهم …

من مقدمة ” أصول الوصول “

لعبد الله \ صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

عَالَمُ المُلْكِ ( ٢ / ٢ ) :

وتلاحظ أن كل موجود في هذه العوالم من عوالم الملك والشهادة له نَفْس .

فكل حيوانٍ له نَفْس ، وكل إنسانٍ له نَفْس ، وكل جمادٍ له نَفْس ، وكل نباتٍ له نَفْس .

وهذه النفْسُ هي التي تُدَبِّرُ له سبيل معيشته في هذا العالم ، ” أعطى كل شئ خَلْقه ثم هدى ” …

فالطفل بل وكل حيوان مولود يلقم ثدي الأم عقب الولادة دون تعليم من بشر ، والرياحُ تلقحُ النبات ، والبحارُ فيها الجزْر والمَدُّ ، والأرض فيها البراكينُ والزلازلُ ، والأفلاكُ لها مساراتٌ تَسْبَحُ فيها ، والأرض والسموات قالتا لله تعالى ” أتينا طائعين ” ، والجبال أَوَّبَتْ مع سيدنا داود عليه السلام ، ويسبِّح الرعد بحمده ، ” وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي ” .

فكل هذه المخلوقات لها كيانٌ ووجود ، ثم لها أنفس أيضا تناسب ما خُلقت له ، وما كُلِّفَتْ به .

إذا نقول أن عَالَم الملك أو عَالَم الشهادة أو عَالَم الأفعال والأسماء هو أيضا عَالَمُ الأنفس والأبدان ، وهو أيضا حضرة الرُّوُبوبِيَّة التي يربِّى الله تعالى عبيده فيها ، فيوجدهم وَيُقِيتُهُم ثم يُفْنيهم .

ومعنى هذا أن حضرات الأسماء الإلاهية وما ينتج عنها من أفعال في الكون هي المتصرفة في الحقيقة في عالم الملك والشهادة ، وهو أيضا عَالَمُ الأنفس والأبدان .

 

من مقدمة ” أصول الوصول ” 

لعبد الله / صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

عَالَمُ المُلْكِ ( ١ / ٢ ) :

في هذا العالم تجري أفعال الله تعالى علي عباده ابتداءً من تصويرهم ، وخلقهم ، وإيجادهم ، وإعاشتهم واللطف بهم ، والهيمنة عليهم ، وتسخيرهم ، وحفظ قوانينهم وحتى يوم فنائهم .

فعَالَمُ المُلْك هو عَالَم الشهادةِ الذي تجري فيه وتظهر أفعالُ الله تعالى على عباده ، وهذه الأفعال تظهر بمقتضى أسمائه العلية …

فبمقتضى اسم الله تعالى الرحيم تظهر الرحمة ، وبمقتضى اسم الله تعالى اللطيف يظهر اللطف ، وبمقتضى اسمه تعالى الرزاق يجرى الرزق عليهم ، وبمقتضى اسمه تعالى المحيي والمميت يظهر إحياؤهم وإماتتهم ..

لذلك نقول أن عالم الشهادة هو عالم الأفعال والأسماء الإلاهية أو نقول هي حضرات الأسماء والأفعال الإلاهية .

وكل اسم من أسماء الله تعالى له حضرته التي تتجلى علي الناس أفعالُ الله فيهم بمقتضى هذا الاسم وخصائصه ، فترى قوما يضحكون ويرقصون ، وقوما ينوحون ويبكون ، وقوما يأكلون ويشربون في سعة ، وقوما في مجاعة وضنك ، وقوما يموتون موتا جماعيا في كوارث ، وهكذا … كل قوم تحت قهرِ سلطانِ اسم من أسماء الله تعالى وأفعاله .

وكل قوم في حضرة ، وكل حضرةٍ لها إسمٌ من أسماء الله ، وكل إسمٍ يجرى منه ما يناسبه من أفعال … والله تعالى هو القاهر فوق عباده جميعا ، وهو الفعال فيهم لما يريد جَلَّ شانه .

من كتاب مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة ٥٣

لعبد الله/ صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

” عوالم  المُلْكِ ، الجبروت ، الملكوت “

عَالَمُ المُلْكِ :

 هو كل ما تراه وتلمسه بحواسك من نظرٍ وسمعٍ ولمسٍ وغيرهم سواءُ بحواسك المجردة أو باستخدام وسيلة تساعدك (كالأرض والجبال والنبات ) .

 

عالم الجبروت :

هو عالم تجلِّيات صفات الله تعالى وما تقتضيه من تدبيرات إِلهيَّةٍ ومُدَبِّراتٍ كُلِّيةٍ لِهذِه التَجَلٍّيات والتي تظهر أثارها ونتائجها في عوالم المُلْكِ والشهادة ..

 

 

عالم الملكوت :

هو الجزء الأعلى من عالم الجبروت ، وفيها التجليات العظمى التي لا تُشرح ببيان .

 

 

ففي العوالم الأولى تظهر الربوبية للنفس والجسد ..

وفي العوالم الثانية يظهر المُلْك لله تعالى في القلوب ..

وفي العوالم الثالثة تظهر الألوهية لله تعالى على الأرواح ..

” قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس ، إله الناس “

 

فالمربِّي يربِّي أولاده بأفعاله وتربيته … والمَلِكُ يمنح ويرهب القلوب … أما الإله فقد انفرد بالسيطرة على الأرواح ، فلا إله إلا الله …

 

فالذاكرُ الله تعالى بلسانه وأفعاله فهو لا يتعدى عَالَم الملكِ والشهادة ….

والذاكرُ الله تعالى بقلبه فقد دخل في عوالم الجبروت ….

والذاكرُ الله تعالى بروحه فقد دخل في عوالم الملكوت ….

 

من كتاب مقدمة ” أصول الوصول ”   صفحة 53

لعبد الله – صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

” الموت لا يقطع سير العبد لربه “

 بما أن الروح لا تموت بموت الجسد ، ولا الروح تفنى بخروجها منه ، وقلنا أن السير إلى الله تعالى إنما هو بالروح والقلب ..

فيكون من البديهي أن السير إلى الله تعالى لا ينقطع بالموت .. لأن الموت للجسد وليس للروح ..

ألا ترى أن الشهداء هم أحياء عند ربهم يرزقون .. أي كل يوم لهم رزق ، ولهم هبة وعطية من مالك  الملك ، وهل تظن أن هذه الأرزاق والعطايا هي مادية كأرزاق الدنيا وعطاياها !! ..

 إنما هي أنوار وتجليات عليهم من الله تعالى …

فمن كان في منزلة الشهادة من المقربين أو الصديقين أو من جاهد نفسه في سبيل الله تعالى حتى جعل كل حياته في سبيله ، ففنيت صفاته السيئة وشهواته الأرضية ، وصار قلبه ممتلئا بحب الله ورسوله فعاش في نورانية أسمائه تعالى وصفاته وهو في الدنيا ..

فإن الموت لا يغير فيه قلبا ولا روحا ، إنما الموت للجسد لا غير ، فلا تعجب أن يأتيه رزقه بعد الموت .. وأن يستمر سيره إلى الله بعد موته ، وهذا ليس بعمله ولكن بما وقر في قلبه وروحه قبل الموت .. وكذلك بعد الموت …

من كتاب مقدمة ” أصول الوصول ” ص 50

لسيدي عبد الله / صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا