إذا عرفنا الغيب النسبي بأنه ذلك الغيب الذي لا يصير غيبا بانعدام المانع بينك وبين مشاهدته أو سماعه ..، فعلى ذلك يمكن تعريف الغيب المطلق بأنه ذلك الحادث أو المخلوق الذي يظل الحاجز بينك وبينه مستمرا .. ولا يمكنك بجهاز أو بصنعة ما أن تراه أو تسمعه أو تحس به بحواسك الخمسة المعروفة وإدراكك المعتدل .
فالجن مخلوق وموجود .. ويعيش بيننا ومعنا على الأرض ..، ولكنك لا تستطيع أن تراه ببصرك المجرد ، ولا باستخدام جهاز خاص ، ذلك أنك أصلا غير معد لرؤيته …
فإن قلت إن بعض البشر قد رأوا أو سمعوا الجن ..، قلنا لك إن هذا وضع خاص بالنسبة للجن أو الرائي أو السامع أو لكليهما ..،
فإما أن يكون الجن قد نزل بخواصه الخلقية حتى يستطيع البشر أن يراه أو يسمعه ..، وهذه خاصية عنده ، والاحتمال الثاني هو أن الله تعالى قد وهب ذلك الإنسي قدرة غير عادية بحيث يدرك الجن ويتعامل معه .
فقد كان الجن في الجاهلية تتعامل مع الكهنة وتكلمهم ، حيث كانت تقعد في السماء مقاعد للسمع تسترق أخبار الملائكة ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت عليها الشهب فأحرقت ، وكان نبي الله سليمان يخاطب الجن ويحكمهم ويؤدبهم ..
ونفس الأمر بالنسبة للملائكة ، فهم يظلون في عالم الغيب ، لا يدركون بحيلة ولا جهاز ولا آلة .، ولكن يمكن إدراكهم بالاستثناءين السابقين ، وقد رأت الصحابة رضوان الله تعالى سيدنا جبريل عليه السلام في صورة الصحابي دحية الكلبي ، كما سمع الصحابة صوت الملائكة في غزوة بدر وهي تقول ” اضرب حيزوم ” ، سمعوا صوتا ولم يروا صورة ، وحيزوم هو اسم ملك من الملائكة .
من كتاب (( ” قواعد الإيمان ” – تهذيب النفس )) ص 51
لعبد الله / صلاح الدين القوصي
#أحب_محمدا