البرزخ ( 4 من 4 )

وكما هو واضح فإن للبرزخ أعلاه .. وأسفله .. وأوسطه .. درجات .. وكل مجموعة من الأرواح لها مستواها ، ولكن كل روحٍ مشغولة بما يفيض الله عليها ، حتى وإن كانت الأرواح في مستوى واحدٍ ، فسبحان الواحد العظيم ….

 

وبعض الأرواح العليَّةِ في البرزخ لها حق النزول إلى الدنيا لسبب يعلمُه الله تعالى ، ويكون لها مظاهر يعلمها أهل الله وخاصته وإن كانت هذه المظاهر تُشَابِهُ الأحياء في كثير من الأمور …

 

وكذلك بعض الأحياء على الأرض يكون لهم حق الاطلاع على البرزخ وما فيه ، لسبب يعلمه الله تعالى .. ولكنهم لا يعيشون فيه ، ولكن يكون لهم مجرد سياحة واطلاع على أحوال أهله ، وكلٌ على قدرِ روحه واتساعها ….

 

هذا بعض ما قرأناه عن البرزخ .. وما رأيناه وما زرناه .. واستغفر الله تعالى مما قلت وأقول إن كان يخالف ما قال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. وهو إن شاء الله لا ولن يخالف ….

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 75
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

 

البرزخ ( 3 من 4 )

وتجليات الله تعالى علي الأرواح في البرزخ تزيدها قوة واتساعا فيزداد أثرها على النفس والقلب إذا كان صاحبها يعيش على الأرض ، لذلك ينشرح صدره للعبادة ويزداد ورعا وتقوى وكذلك يزداد عبادة وأعمالا صالحة ، وهوعلى الأرض لا يدرى سببا لإقباله على الله تعالى وزيادة بِرِّه وتقواه …

 

والعكس كذلك إذا ما صَلُح حالُ عبدٍ على الأرض فازداد عبادة وتقوى وورعا ، وازدادت أعمال البر عنده في دنياه ، فإن هذه الأعمال تترجم إلى أنوارٍ تشرق على الروح في البرزخ فتزداد نورانية واتساعا فتكون أهلا لتجليات الله تعالى عليها .

 

فالحال الأول هبة من الله تعالى للعبد ، والحال الثاني مكتسب من أفعال العبد نفسه … وكلا الأمرين من الله تعالى سبْقاَ وقضاءَ .. ولكن انظر ” رجال يحبهم ويحبونه ” … فهناك قوم هو سبحانه يحبهم وهم أهل الاجتباء والاصطفاء .. وقوم يحبونه هم أهل التوبة والإنابة إليه ..

 

والعبد في الحالين لا يدري من أي صنف هو ….

 

وقد يَتَبَدَّلُ الحال …. فيصير المحبٌّ محبوباَ والمحبوبُ مُحِبّاَ .. والله تعالى لا يُسْألُ عما يفعل .. وهو صاحب الفضل والمنّة …

 

 

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 73
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

 

البرزخ ( 2 من 4 )

وإن كانت الأرواح لا يحدُّها مكان .. إلا أنها تسكن البرزخ حتى يوم القيامة ، وهو يمتد اتساعا وارتفاعا إلى ما بعد السماء السابعة … وكل روح لها مكانها ومكانتها على قدر نورانيتها وهدايتها …، ومن الأرواح ما هي محبوسة في مكانها في البرزخ ، ومنها ما هي حرة الحركة تروح وتجئ فيه ، ومنها ما تسمو وتعلو وتهبط وتننزل تبعا لأفعال الأنفس والأجساد ، إن كانت أنفسها وأجسادها لا تزال تعيش على الأرض …

وتتلاقى فيه الأرواح .. وتتزاور … وتسعد وتشقى … وتتصل بالملأ الأعلى .. وكذلك تتصل بأهل الأرض … في عوالم الرؤى والمنامات وكذلك تتصل بالأحياء في بعض عوالم الملكوت .

 

ولا ينقطع السير ألى الله تعالى في هذا العالم لأن السير إليه يكون بالقلوب والأرواح … وسبحان الكريم الوهاب …

 

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 73
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

البرزخ ( 1 من 4 )

هو أحد عوالم الملكوت .. وهو الوسط بين عالم المُلْكِ وعالم الملكوت .. ففيه بعض صفاتِ هذا العالم وبعض صفاتِ العالمِ الآخر .. فهو يشرف على الدنيا وعلى الآخرة معاً .. ولذلك سُمِّىَ ” برزخا ” أي الشئ أو الوسط بين وسطين ، يقول تعالى في سورة المؤمنون ” ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ” آية 100 .

 

وفيه مستقر الأرواح منذ نشأتها .. وحتى النفخ في الصور … ولا يوصف البرزخ بأوصاف أهل الدنيا … وكل من حاول وصفه من العارفين رضى الله عنهم قد وقع في المحظور فلا أجاد ولا أفاد …

 

وكل ما يمكن قوله أنه في عَالَمِ الملكوت ، وله وجه إلى الآخرة وله وجه إلى الدنيا ، وله وجه إلى الجنة ، وله وجه إلى النار ، وأرواح الكفار وأهل العذاب من المؤمنين يواجهون النار ، وأرواح أهل السعادة يواجهون الجنة ، ويمتد إلى كلا الفريقين بعض خصائص ما يواجهونه من الجنة أو النار … ولذلك فهم إما منعَّمون وأما معذَّبون …

 

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 72
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

 

الموت ( 4 من 4 )

ولكن النفس التي استطاعت في حياتها الدنيوية مع الجسد أن تتعامل مع عوالم الملكوت ، فتهذبت .. وَرَقَّتْ وشَفَّتْ ..، واستنارت بنور الروح عليها …، فهذه يكون يوم خروجها من جسدها هو يوم عيد لها …، حيث تنطلق من هذا الغطاء وتكون حرة الحركة في انطلاقها إلى من تحب وما تحب من أسرار الله وأنواره …

 

ذلك أن الله سبحانه وتعالى يكشف للروح عن بعض تجلِّياته التي تعشقها فتلتفت الروح إلى هذهِ الأنوار بالكلية حتى تنسى الجسد ، وتتبعها النفس في هذا الإلتفات إلى الأنوار التي تحبها فتترك الجسد نهائيا دون أن تُحِسْ .. فيحدث الموت بسهولة ويُسْر ….

 

لذلك يمكن أن نقول أن الموت هو انتقال من طور حياة للإنسان لها أسلوبها وقوانينها إلى طور حياة أخرى لها قوانينها وأسلوبها … أو هو انتقال من حياة العبد في عالم الملك والشهادة إلى حياة العبد في عالم الملكوت ، وتكون حياة العبد في هذا العالم الجديد مبنية علي ما قدمه في حياته الدنيوية من أعمال سير وسلوك إلى الله تعالى ( سبق توضيح المعنى بموضوع “” السير والسلوك “” ) …

 

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 70
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

الموت ( 3 من 4 )

الموتُ ينهي أعمال الجسد ، وتنقطع صلته بعوالم الملك والشهادة ، فيفقد الحركة والإحساس والإدراك …

ولكن تنطلق النفس بأحمالها مع الموت …، وينكشف لها ما لا كانت تبصره ولا تسمعه من عوالم الملكوت ، فقد كُشف غطاء المادة ، فانطلقت من ماديتها ودخلت في عوالم الملكوت ، فتعاملت مع قوانينه ، ” لقد كنت في غَفْلَة من هذا فكشفنا عنك غطاءك ، فبصرك اليوم حديد ” …

 

والنفس التي ارتبطت بالجسد منذ خلقه إلى فنائه ..، حيث هو منفذ النفْس إلى الحياة الدنيا … وينفذ لها رغباتها وأوامرها لذلك فهي تعشقه .. ولا تريد الخروج منه ….

لذلك فإن خروجها من الجسد يكون بالغ الصعوبة ، وفي منتهى الألم لها ، بل إنها تستمر على علاقة بالبدن بعد دفنه في القبر ، ولكن بكيفية تختلف عن علاقتها به في الدنيا ، لذلك فهي تحس بما يعتريه من آلام وعذاب يُسلَّط عليه من عالم الملكوت ، وليس من عالم الشهادة …

 

ومن هنا كان إحساس الميت بعذاب القبر .. وكان القبر إما حفرة من النار أو روضة من الجنة …

 

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 69
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

#أحب_محمدا

 

حديث نبوى 1

حديث نبوى 1
.
يقول رسول اللـه صلي اللـه عليه وسلم
” من صلي على واحدة صلي اللـه عليه عشرا ”
.

 

 

الموت ( 2 من 4 )

فالإحياء ” بنفخ الروح ” في الجسد ، والموت ” بخروج الروح ” منه ، ولكن ليس المقصود منه نفخا ً كنفخنا نحن ، ولا خروجا ودخولا كخروجنا ودخولنا في عالم الملك … ( سبق توضيح المعنى بموضوع “” المعاني والألفاظ بين عالمي الملك والملكوت “” ) ..

 

فالروح أصلا لا يحدُّها مكان ، ولا يمكن أن تُحبس في الجسد ، والأرواح كلها مؤمنة بالله تعالى ، وقد خاطبها الله تعالى يوم ” ألست بربكم ” وسمعت الخطاب ..، وأجابت .. وأخذ الله عليها العهد والميثاق … ، ثم جعل لها مكانا في ” البرزخ ” تنظر منه إلى الدنيا والآخرة معا …، فجميع الأرواح في البرزخ .. وهو من عوالم الملكوت …

 

وقوة الأرواح في التفاتها إلى الأشياء ، حيث في نظرها إلى الشئ إحياؤه ، والإمداد بين الأرواح بنظر بعضها إلى بعض ، وليس النظر من الروح كنظرنا نحن بالعين …

 

ولذلك يُمتِّع الله تعالى عباده المؤمنين في أعلى درجات الجنة بالنظر إليهم …

 

ومن هذا المعنى نسمع بعض العارفين يقول ” نحن نربِّي أولادنا بالنَّظَرْ ” .. والمقصود به نظر الروح إلى الروح .. وليس نظر العين .. لأن نظر الروح فيه الإحياء والإمداد ….

 

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 67
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

 

الموت ( 1 / 4 )

” النفس ” هي حاملة الحياة في الجسد من إحساس وإدراك وحركة ..

والموت هو خروج النفس من الجسد ، وتركها تدبير شئونه … ، وقوة الحياة والإحياء هي في الروح ..

والروح من الملأ الأعلى …. ، والجسد من عالم الملك طين في طين … ، والنفس وسيط بينهما … ، لها شق إلى الروح ولها شق إلى الجسد …

فإذا التفتت الروح إلى الجسد بعثت فيه الحياه من خلال النفس …. ، وإذا انشغلت عنه بالكلية … خرجت النفس منه ومات البدن … ، وإذا تشاغلت عنه فقط – ولكنها مازالت تمده بالنظر إليه حين بعد حين – نام الجسد وحبست النفس لحسابه …

” الله يتوفى الأنفس حين موتها ، والتي لم تمت في منامها ، فيمسك التى قضى عليها الموت ، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ” سورة الزمر آيه 42

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 66
لعبد الله / صلاح الدين القوصي

” المعاني والألفاظ بين عالمي الملك والملكوت ” ( 2 / 2 )

يضرب الله الأمثال للناس ..  ويقرب إليهم المعاني .. ويرمز إلى ما لا يعلمون بأسماء ما يعلمون … ، فإنما جاءت هذه الألفاظ لتقريب المعنى إلى عقلك وخيالك لا غير …

فالذين وقفوا علي صفات الله تعالى بعقولهم وقالوا نحن ندرك الله تعالى بعقولنا ، فإنهم وقفوا في هذه المعاني على قدر عقولهم من سمع ، وبصر ، وقدرة ، وهيمنة من الله علي الخلق ، لأن منتهى علم عقولهم هو منتهى القوانين البشرية ، ففي الحقيقة ما عرفوا عن الله وصفاته شيئا ، وما عرفوا إلا نفوسهم وعقولهم …

أما الذين انطلقوا إلى عوالم الملكوت ودخلوا في جماعة ” ما كذب الفؤاد ما رأى ” …. فأولئك قوم دخلوا في الشهود بأرواحهم وقلوبهم … ، فذاقوا بعض معاني هذه الصفات الإلاهية على إطلاقها ، لا بقوانين الكون المادية ولا بعقولهم البشرية ، إنما آمنوا بالغيب … ، وخشوا الرحمن بالغيب ، لا على قدر عقولهم … ، ولكن على قدر مذاقهم وشهودهم في عوالم الغيب والملكوت …

من مقدمة ” أصول الوصول ” صفحة 65
لعبد الله \ صلاح الدين القوصي
#أحب_محمدا