“ليلى”تعاتبنى!! وتسأل ما جَـرَى
لى!!..فى حنانٍ فاض فى إشفاقِ
ما لى تـَعِبْتُ!!كمن تـهَدَّم جسمُه!!
بـل صار أنـقاضًــا بدون بواقـى !!
قلتُ:اسمحى”ليلاى”لى متكلمًا..
قالت : فَصُنْ أدَبًا .. رقيقًا .. راقى
قـلتُ : السماحَ .. فقد آتـانـى أمرُكمْ
لأكون فـى صَخرِ الجبالِ..الساقى!!
البَيْــدُ .. و الصحرا .. و كــلُّ رِمَالِها
أَسْـقى بماءِ الـعـشـق و الـعـشـاقِ
والوحشُ..والـحيوانُ..سلَّم أمرَه!!
و أ تى يُـقَـبِّـلُ راضيًــا أشداقــى !!
بل جاءنى بـعضُ”الملائكِ”جملةً!!
بل صار بـعضٌ مـنهُمُ كَرِفـاقـى !!
وَ صَعَدْتُ للأعلى.. و زُرْتُ كواكبًا!!
ونجومَ أهلِ الأرضِ فى الأوفاقِ!!
و أُمِرْتُ توحيدًا .. أُعَلِّـمُ خلَقـكـمْ
و أُمِـرْتُ أن أعلــو عـلى الأذواقِ
بل قيل : وَحِّدْ .. ثم عَلِّــمْ كونَنـا
معنى الفنا.. والحب فى استغراقِ..
سيكون منْطِقُكُمْ بنا .. وحديثكمْ
و نـُريك نظمَ الشعـرِ فـى الآفـاقِ
حـتى تدين لك الـعـوالـمُ كـلُّهـا
والعُجْـمُ بعد العُرْبِ باستحقــاقِ..
و إذَا مُحَصِّلَـتى الضَّياعُ بِعَيْـنه !!
وبَقِيتُ فى شَكِّى!! وفى إملاقِ!!
قالت: وقلتُ لكمْ سَتُقْـتل..قلتَ
لى: أهلا بقتل الحب للمشتاقِ!!
قلتُ:اسمحى لى..القتلُ يأتى مرةً
لا كـلَّ يـومٍ هــلَّ بـالإشــــراقِ !!
قد صِرْتُ مَيْتًا..بين قومى ماشيًا!!
أو فـى بـحارٍ عـشـتُ فى إغـراقِ
قالت:كأنك قد بَقِيتَ بِحَسْرَةٍ !!
قلتُ : السماحَ .. معاذ شرِّ نـفاقِ
لكنْ جَهِدْتُ .. و لمْ أَرَ لى حيلةً
فى نشرِ أشعارى .. ولا أوراقى..
والعمرُ ضاع..و رَقَّ عظمى .. والنُهَى
عندى..تَشَتَّت مثل عقلِ مُعَاقِ!!
و اهْـتَزَّ روحى..سائلاً فى حيرةٍ:
أَوَ كان وهْمًا !! أم قرار طلاقى!!
قالت:رُوَيْدكَ..أنت تُوفِى عَهْدَكُمْ..
و أنـا عَلَــىَّ بَــقِــيــةُ الــمـيــثــاقِ
وفـَّيْـتَ عهدَك .. و انتشَرْتَ بِسِرِّنا
و علىَّ نَـشْـرُ الحقِّ فى الآفـــــاقِ
يكفيكَ تشريفـًا بـأنـك كنتَ لـى
بالحق فيهـمْ فُزْتَ باستـنـطـاقـى
مقتطفة من ( المقدمة “الغيــرَة” ) – ديوان ” الرقيق ” – لبعد اللـه // صلاح الدين القوصى