يقولُ المفسِّرون والعُلماءُ إن القرآن قد نزل فى ليلة القدر دُفْعَةً واحدة من البَيْت المعمور إلى بيت العزَّةِ فى السماءِ الدنيا .. ثم ما زال يتَنَزَّلُ على الرسول ﷺ مُنَجَّماً ، تَبَعاً للحوادث خلال فترة الرسالة .. حيث يتنزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام .. على قلب محمد ﷺ ، حيث يقول تعالى : ( نزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ )
فكلُّ نُورِ القرْآنِ وأسرارهِ فِى مُحَمَّدٍ ﷺ … فقدكان قرآنا يمشى على الأرض ، فروحانيته عليه الصلاة والسلام مُحَمَّـلَةٌ بأنواره وأسراره .. وأى روح فى الخلائق كلها أوْلى وأشرف وأعلى وأطهر من روحِ حبيبِ الـلَّـه وإمام أنبيائه ورسله .!!!
ثم يأتى سيدنا جبريلُ بالأمرِ من السماء تبعــًا لِكُلِّ واقعةٍ ، وحسبما يريد الـلَّـه تعالى .. ليخرج من رسول الـلَّـه ﷺ ما يشاءُ الـلَّـه تعالى من القرآن .. بلسانٍ عربىٍ مبينٍ ، تشرَّفَت اللغة العربية بأن يكون لسانُ المصطفى ﷺ هو الناطق بها ….
لذلك يقول تعالى : ( وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) , ويقول : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) وظاهر الآية واضح .. فالنطق والبيان من رسول الـلَّـه ﷺ مُقـَـيَّدٌ بنزولِ الوحىِّ والأمرِ بالنُّطْقِ.. وهذا شأن سيدنا جبريل وما هو مكلف به من رب العزة جل شأنه .
ولذلك كان رسول الـلَّـه ﷺ شديد الحب لسيدنا جبريل عليه السلام.. يقول تعالى : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) ويقــول: ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ ) وكان سيدنا جبريل عليه السلام خلال شهر رمضان كل عام يستعرض ويتناوب مع رسول اللـه ﷺ تلاوة ما نزل من القرآن .. وفى آخر سنة من حياة رسول اللـه ﷺ قرأه مرتين وكان ذلك إيذاناً بانتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى …
مقتطفة من كتاب ” أنوار الإحسان ( أصول الوصول ) ” – لعبد اللـه // صلاح الدين القوصى