وقد سأل أعرابى رسول اللَّه ﷺ .. متى الساعة.. فقال له رسول اللَّه ﷺ.. وماذا أعددت لها.. فقال الأعرابى.. ما أعددت لها كثير صلاة ولا كثير صيام ولكنى أعددت لها حب اللَّه ورسوله.. فيرد عليه ﷺ ويبشره بالبشرى العظمى :”المرء مع من أحب” وفى رواية أخرى أن أعرابيا كان يسير خلف ركب رسول اللَّه وينادى يا محمد يا محمد ولم يسمعه أحد حتى لحق بهم فقال لرسول اللَّه”المرء يحب القوم ولمَّا يلحق بهم.. (أى إن المرء يحب القوم ولكن قوته وإمكاناته لا تمكنه من اللحاق بهم) فقال له رسول اللَّه ﷺ ..” المرء مع من أحب ” وفى الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود :” جاء رجل إلى رسول اللَّه ﷺ فقال يا رسول اللَّه كيف تقول فى رجل أحب قوما ولم يلحق بهم ؟؟ فقال عليه الصلاة والسلام”المرء مع من أحب” يقول الصحابة : ما فرحنا ببشرى من رسول اللَّه ﷺ كما فرحنا بتلك البشرى
فكلهم يحب رسول اللَّه.. وكُلُّهم لا يستطيعون اللحاق به فى عبادته وطاعته فما العمل إذا حرموا منه يوم القيامة بقلة أعمالهم !!! فيطمئنهم رسول اللَّه ﷺ وهو الصادق المصدوق.. بأن المرء مع من أحب يوم القيامة.. ولو قلَّت قوته وضعفت همته.. فضلا من اللَّه وكرما.. فما نقص من قوة الجسد فى الطاعة جبرتها قوة الروح فى المحبة.. يقولﷺ ” نية المرء خير من عمله” كما رواه الطبرانى أى أن المرء قد يتمنى أن يؤدى نسكاً أو طاعة وينوى حسن أدائها والإخلاص فيها فإذا فعلها ربما اعتورها شيئ من الغفلة أو من كدورات النفس البشرية فتأتى ناقصة عن كمال نيته.. كمن ينوى الصلاة ويرجو ألا يسهو فيها.. وألا تحدثه نفسه فيها بشئ فإذا بدأها غلبه الشيطان فكانت على غير ما عزم عليها من الكمال والتمام.
فالذين يقيسون حب اللَّه ورسوله باتباع الأوامر والطاعات واجتناب المحرمات قد صدقوا.. ولكنهم حَجَّروا فضل اللَّه تعالى على عباده.. وضيقوا رحمته التى وسعت كل شئ.
فالمؤمن قد يمتلئ قلبه بحب اللَّه ورسوله.. ويتمنى فى كل لحظة أن يكون متابعا للأوامر والنواهى كاملة خالصة.. ولكنه لأمر ما تعتور عبادته كدورات ونقصان..
ولكنه ما زال يحب اللَّه ورسوله وقلبه مشغول بهما ومتجه إليهما..
مقتطفة من كتاب ” قواعد الإيمان ( تهذيب النفس ) – الباب الخامس” – لعبد اللـه / / صلاح الدين القوصى