و حذار أيضا أن تظن أن رسول اللَّهﷺ في مناجاة الإسراء والمعراج قد سمع بأذنيه الشريفتين .. أو حتى رأى بعينيه أو تكلم بلسانه … وتأمل قوله تعالى:(مَاكَذَبَ الْفُؤَادُ مَارَأَى(١١)سورة النجم آية: (١١).
الفؤاد رأى وسمع وتحدث أيضاً ولكن اللَّه تعالى يتحدث عن البصر والسمع في أول سورة الإسراء(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًامِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(١))سورة الإسراء آية: (١)
وما زاغ البصر وما طغى … بل التزم بالأدب الأعلى والحضور الكامل …
و نفهم من الآيات أن اللَّه تعالى قد أعده لهذه المناجاة إعدادًا خاصًا فجعله سميعًا بصيرًا بكيفية زائدة عن البشر العادي .. فإنه صلى اللَّه عليه وسلم كان قبل هذا الإعداد سميعًا بصيرًا كغيره من البشر .. فلابد أن يتم هذا الإعداد الزائد عن إعداد البشر العام بإعداد خاص لسماع و رؤيةما لا يستطيع البشر العادي أن يسمعه أو يراه …
فرسول اللَّهﷺ في المعراج تحدث وسمع ورأى من ذاته في ذاته حيث لا مكان ولا زمان … وانكشفت الحجب في تلك اللحظة الآنية فرأى الماضي والحاضر والمستقبل في مشهد واحد…
يقول اللَّه تعالى:(لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى(١٨))سورة النجم آية : ( ١٨)…. بمعنى أنه رأى كبرى آيات ربه.. كشف اللَّه له الحجب التي لم تكشف حتى لسيدنا جبريل .. فأراه اللَّه تعالى و أطلعهﷺعلى ما حوت روحه العظيمة من أنوار و أسرار .. فعرف قدر ذاته عند اللَّه تعالى …
و أسأل اللَّه العفو إن كنت مخطئًا ..
مقتطفة من ” الباب الخامس ” – لكتاب ” مشكة الأنوار ” – لعبد اللـه / / صلاح الدين القوصى