و ان كنا قد تحدثنا عن ظاهر الأدب الواجب مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فإن الحديث عن الأدب الباطن معه عليه الصلاة و السلام أجل و أخطر .. و لا نهاية لدرجاته …
فإنما يكون أدبك الباطن معه ، على قدر معرفتك ، و حبك لباطن أنواره صلى الله عليه و سلم … ، و على قدر إحساسك ، و شعورك ، و يقينك ، بسريان نوره عليه الصلاة و السلام في باطنك .. على قدر ما يكون أدبك معه …
و لا تظن أنا قد جئنا بغريب و لا شاذ .. ، فأنت في كل صلاة تصلي عليه صلاة الحاضر ، و تقول .. السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته … ، و تأمل في اللفظ تفهم مقصودي … فهل تخاطب غائبا أم حاضرا !!! ……
و إذا جاز لك أن تخاطبه صلى الله عليه و سلم و أنت في الصلاة .. ، فهل يجوز أن تخاطبه في غير الصلاة !!… فتصلي عليه في حضرة شهوده صلى الله عليه و سلم !!!..
و هل حضرة شهوده تكون عند الصلاة عليه فقط ، أم عند كل بر و أداء كل عمل من سننه و هديه صلى الله عليه و سلم .!! و هل يخلو وقتك من سننه و آدابه ، ظاهرا باطنا ، ليلا أو نهارا …!!!
و نمسك هنا عن الكلام … فليس كل علم بالتعلم .. و ليس كل رزق بالسعي إليه .. فهناك رزق تسعى إليه .. و هناك رزق يسعى إليك .. و الله تعالى ، هو الرزاق الفتاح العليم ، و فضل الله واسع .. و كرمه عظيم .. فاقصد وجه الله يعلمك .. و يفض عليك و يرزقك .. و يبارك لك .. و يزكيك أنت ، و ما تفعل …
من كتاب ” أنوار الإحسان ” – لعبد اللـه // صلاح الدين القوصي