“و اصْبِرْ لِحُكْم رَبِكَ فإنكَ بِأعْيُنِنا”

• يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .

و يقول تعالى : ( … لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ )

• و فى الحديث القدسى : إن اللَّه تعالى قال: ” من عادى لى وليًا فقد آذنته بالحرب، و ما تقرب إلىَّ عبدى بشىء أحب إلى مما افترضته عليه، و ما يزال عبدى يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به و بصره الذى يـبصر به، و يده التى يبطش بها، و رجله التى يمشى بها، و إن سألنى لأعطينه، و إن استعاذنى لأعيذنه، و ما ترددت عن شىء أنا فاعله ترددى عن قبض نفس المؤمن: يكره الموت، و أنا أكره مساءته ” رواه البخارى فى الصحيح عن أبى هريرة.


• و وردت أحاديث نبوية كثيرة مُجْمَل معناها أن المؤمن ينظر بنور اللَّـه …. و من أمثلتها : ” اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور اللَّه عز وجل “رواه البخارى فى التاريخ والترمذى عن أبى سعيد الحكيم، و سمويه، و الطبرانى فى الكبير و ابن عدى فى الكامل عن أبى أمامة بن جرير عن ابن عمر.


• و دعوة رسول اللَّـه ﷺ ” اللَّهم اجعل فى قلبى نورًا وفى لسانى نورًا، و فى بصرى نورًا و فى سمعى نورًا، و عن يمينى نورًا و عن يسارى نورًا، و من فوقى نورًا، و من تحتى نورًا، و من أمـامى نـورًا و من خلفى نورًا، و اجعل لى فى نفسى نورًا، وأعظم لى نورًا ” رواه أحمد فى مسنده و البخارى ومسلم والنسائى عن ابن عباس.

آيات اللَّـه وأحاديث رسول اللَّـه مليئة بهذه المعانى … من يـتق اللَّـه يـجعل له نورًا و فرقانًا يُــفَــرِّق به بين الحق و الباطل..
و إلهامًا يُــفَــرِّق به بين الفجور و التقوى و يرى و يبصر و يشاهد ما لا يراه الآخرون من عامة الناس..
و سبق أن قلنا أن النور لا يُرى فى ذاته و لكن به تدرك الأشياء، وسيلةٌ هو للإدراك و المعرفة.. و بها تدْرك الأشياء المادية
أو المعانى و العلويات الروحية و نحن طبعًا نفهم و ندرك أن التقى الورع يـمده اللَّه بحكمة و فراسة و بصيرة نافذة فهو ينظر بنور اللَّه جل وعلا …

و يقول اللَّـه تعالى لسيدنا موسى عليه السلام : ( … وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي ) و المـعـنى واضـح أيضًا .. عناية من اللَّـه تعالى فى كل شئون كليمه موسى رضـيـعـًـا و صـبـيـًـا و شــابًا و هكذا
أما أن يقول لحبيبه محمد ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ … ) فلا أدرى حقا كيف نفهمها!!!!

و اللَّـه جل شأنه ليس كمثله شىء .. فلا يجوز أن نشبه أو نجسّد أو نمثل .. و اللَّـه إنى لعاجز عن بيان أو تذوق هذا المعنى الرفيع السامى ..
أترك لروحك و قلبك و إيمانك و يقـينك ان تحس و تـتـذوق هـذا المعـنى و هــذا الـتـكـريـم و التشريف و الخصوصية لعبده
و حبيبه و رسوله و صفيه و مصطفاه .

ثم من حقى بعدها أن أسألك سؤالاً غير استفهامى .. كيف يرى رسول اللَّه محمد على هذه الحال !! و كيف و ماذا تكون مدى رؤيته !! و نوع رؤيته !!

أما قول اللَّه تعالى لنوح عليه السلام : ( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ) وقوله تعالى : ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ )

فاللفظ هنا يدل على العناية التامة المناسبة لهذا الـموقف البالغ الصعوبة والغير عادى فى تاريخ البشر أجـمـعـيـن .. فالسفـيـنـة لـيست ككل السـفـن بـنـظـامها و تقسيمها و حمولتها التى حوت نماذج من الخلائق كلها فضلاً عن تفجر الأرض عيونًا و انهمار الماء من السماء .. و موج كالجبال … إلخ.

مقتطفة من كتاب ” محمد مشكاة الأنوار صلى الله عليه و سلم ” – لعبد اللـه // صلاح الدين القوصى